responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 184
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ فَقَدْ تَوَعَّدَهُمْ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْفِرَقَ الْمُخْتَلِفَةَ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ، فَهُوَ مُحَاسِبُهُمْ وَمُجَازِيهِمْ،
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَهَلَكَتْ سَبْعُونَ وَخَلَصَتْ فِرْقَةٌ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَتَهْلِكُ إِحْدَى وَسَبْعُونَ فِرْقَةً وَتَخْلُصُ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه مَنْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ؟ قَالَ: الْجَمَاعَةُ الْجَمَاعَةُ الْجَمَاعَةُ»
فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْخَبَرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ الْجَمَاعَةُ الْمُتَمَسِّكَةُ بِمَا بَيَّنَهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّاتِ، وَأَنَّ فِي قَوْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاجِيَةِ إِنَّهَا الْجَمَاعَةُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ هَذِهِ أَشَارَ بِهَا إِلَى أُمَّةِ الْإِيمَانِ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ فِي تَعْرِيفِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ إِنَّهَا الْجَمَاعَةُ لَغْوًا إِذْ لَا فِرْقَةَ تَمَسَّكَتْ بِبَاطِلٍ أَوْ بِحَقٍّ إِلَّا وَهِيَ جَمَاعَةٌ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ وَطَعَنَ بَعْضُهُمْ فِي صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ، فَقَالَ: إِنْ أَرَادَ بِالثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً أُصُولَ الْأَدْيَانِ فَلَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْقَدْرَ، وَإِنْ أَرَادَ الْفُرُوعَ فَإِنَّهَا تَتَجَاوَزُ هَذَا الْقَدْرَ إِلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ، وَقِيلَ أَيْضًا: قَدْ رُوِيَ ضِدُّ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهَا كُلَّهَا نَاجِيَةٌ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً.
وَالْجَوَابُ: الْمُرَادُ سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي فِي حَالٍ مَا وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى افْتِرَاقِهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لَا يَجُوزُ أَنْ يزيد وينقص.

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 94 الى 97]
فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (94) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (97)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ] اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ أَمْرَ الْأُمَّةِ مِنْ قَبْلُ وَذَكَرَ تَفَرُّقَهُمْ وَأَنَّهُمْ أَجْمَعَ رَاجِعُونَ إِلَى حَيْثُ لَا أَمْرَ إِلَّا لَهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا وَبَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ الصَّالِحَاتِ فَيَدْخُلُ فِي الْأَوَّلِ الْعِلْمُ وَالتَّصْدِيقُ باللَّه وَرَسُولِهِ وَفِي الثَّانِي فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكُ الْمَحْظُورَاتِ: فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ أَيْ لَا بُطْلَانَ لِثَوَابِ عَمَلِهِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [الْإِسْرَاءِ: 19] فَالْكُفْرَانُ مَثَلٌ فِي حِرْمَانِ الثَّوَابِ وَالشُّكْرُ مَثَلٌ فِي إِعْطَائِهِ وَقَوْلُهُ: فَلا كُفْرانَ الْمُرَادُ نَفْيُ الْجِنْسِ لِيَكُونَ فِي نِهَايَةِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ نَفْيَ الْمَاهِيَّةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ فَالْمُرَادُ وَإِنَّا لِسَعْيِهِ كَاتِبُونَ، فَقِيلَ: الْمُرَادُ حَافِظُونَ لِنُجَازِيَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: كَاتِبُونَ إِمَّا فِي أُمِّ الْكِتَابِ أَوْ فِي الصُّحُفِ الَّتِي تُعْرَضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ تَرْغِيبُ الْعِبَادِ فِي التَّمَسُّكِ بِطَاعَةِ اللَّه تَعَالَى.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَحَرامٌ خَبَرٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَهُوَ إِمَّا قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَالتَّقْدِيرُ أَنَّ عَدَمَ رُجُوعِهِمْ حَرَامٌ أَيْ مُمْتَنِعٌ وَإِذَا كَانَ عَدَمُ رُجُوعِهِمْ مُمْتَنِعًا كَانَ رُجُوعُهُمْ وَاجِبًا فَهَذَا الرُّجُوعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ الرُّجُوعَ إِلَى الْآخِرَةِ أَوْ إِلَى الدُّنْيَا. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ رُجُوعَهُمْ إِلَى الْحَيَاةِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَاجِبٌ، وَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْهُ إبطال قول

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست